«ولا تلبسوا الحق بالباطل».. تحليل افتراءات «الدبيبة» ضد «بوعجيلة»
سيسجل التاريخ كل شيء وسوف تطاردك اللعنات
ريم البركي
من النادر أن يتفق البشر على شيء، بسبب اختلاف مشاربهم ومصالحهم، ورغم ذلك اتفق العالم على أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، كما نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 11 منه، لأن لا أحد فينا يتمنى أن يدان ويعاقب يومًا ما دون دليل أو قضاء عادل، واشترطت تلك المادة أن يتمتع المتهم في محاكمة علنية بكل الضمانات اللازمة للدفاع عنه، ومنها حياد المحكمة.
ليس هذا هو الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الجهول الذي ابتلانا الله به، فبمجرد بدء كلمته البائسة، تجلى الجهل، فقد استهل السارق المزور قوله متحدثًا للشعب، وقال إنه خرج كعادته بحكم الاحترام والواجب، ليوضح الحقائق «بعد أن تكفوا عن حملات التضليل»، ويبدو أن مكتبه الإعلامي المشبوه لم ينبهه إلى أنه يسب الشعب، بوصف الرأي العام بأنه «حملات تضليل».. ولم يستطع الرجل إخفاء جهله أكثر من دقيقة، إذ رفع المضاف إليه قائلًا: «في كل قضيةٌ».
وبوقاحة نادرة، اعتبر الديكتاتور أن البحث عن «سيادة الدولة» تسبب في جوع الليبيين، وتمادى متسائلًا عن جدوى السيادة إن كان الناس جائعين.. وبنفس المنطق يمكن أن أعرض على «الدبيبة» مالًا مقابل أن يتخلى عن سيادته على بيته، وأن يسلم أحد أبنائه لنسجنه ونعذبه.. لنجعلها «ابنه»، رغم أن وضاعة وصفه قد تسمح له تسليم أي أحد آخر.
بوقاحة نادرة، اعتبر الديكتاتور أن البحث عن «سيادة الدولة» تسبب في جوع الليبيين، وتمادى متسائلًا عن جدوى السيادة إن كان الناس جائعين
إن علمك أهلك -إن كان لك أهل- أن سيادة الرجل على أرضه لا تهم، وأن عليه البحث عن المال مهما كان الثمن، فقد تحققت دعوة أم جريج العابد فينا، ورأينا «وجوه المومسات».
وبتدليس غير مسبوق، وصف «الدبيبة» الأسير «بوعجيلة» بأنه «متهم إرهابي قاتل»، أي أنه أهان القانون الدولي كله واعتبر نفسه قاضيًا وأصدر حكمًا على من هو أشرف منه دون دليل، مرتضيًا أن تملي عليه دولة أجنبية ما يفعل، مثلما علّمه أسياده في تركيا.
«اليوم جئتكم بالحقيقة التي يجب أن نعترف بها جميعًا».. ما الفارق بين هذه الجملة وبين قول فرعون «مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَاد».. ثم زايد علينا المجرم بالتحدث عن حماية أموال الليبيين، وكأنه لا يسرق أموال الشعب عمدًا منذ سنوات.. وبعد ذلك تحدث عن مقاومة الإرهاب، وكأن الليبيين لا يعرفون أنه آمن على كرسي الحكم بدعم من ميليشيات أجنبية.
وخُيّل إلى هذا السفيه أن بإمكانه تحريف قرار مجلس الأمن برفع العقوبات عن ليبيا في 2003، الذي صدر مقابل اعتراف القذافي بمسئوليته عن جريمة لوكربي وتقديم تعويضات لأسر الضحايا، واعتبر «الدبيبة» أو مكتبه الإعلامي، أن إلزام ليبيا بالتعاون في قضايا الإرهاب ضمن القرار، يعني التزامها بتسليم متهمين، وحاول دعم كذبته بتزوير خطاب ضبط يحمل اسم «بوعجيلة» وشعار الإنتربول، وكأن موقع الشرطة الدولية غير موجود على الإنترنت، وكأن الليبيين لا يعرفون أن بإمكانهم الاطلاع على قوائم المطلوبين «أون لاين».
سيسجل التاريخ كل شيء، وسوف تطاردك اللعنات أنت ونسلك وأهلك بسبب ما فعلته في بلاد الأشراف.