الجزء الثاني: هل العصيان المدني ضد فكرة الدولة؟
ريم البركي
يختلف العصيان المدني عن الثورة، فكما أوضحنا: هو فعل جماعي سلمي، بينما قد يتاح استخدام العنف في الثورات، وهو ما يؤكده التاريخ.
واتهم البعض العصيان المدني بأنه فعل معادٍ لفكرة الدولة، وبأنه من آليات الأناركية، لأنه يخالف قوانين المجتمع، ويعد هذا النقد غير منطقي، لأن العصيان المدني يرسخ مبادئ دستورية أو فوق دستورية بقرار من الشعب ذاته، الذي يرى أن السلطة الحاكمة لا تعمل لصالح المجتمع، وينادي في المقابل بسلطة بديلة قادرة على تقديم عقد اجتماعي جديد، عبر صياغة إرادة المواطنين في شكل دستور متفق عليه وقوانين عادلة.
وفي وطننا العربي، يعتبر المتشددون أي اعتراض على سياسة أي حاكم، خروجًا عليه، ويحرمون ذلك استنادًا إلى تفسير خاطئ للنصوص الدينية، ويرون أن من ينادون بالعصيان المدني “خوارج”- وهم بذلك “المتشددون” يفعلون كما كان يفعل الكهنة في أوروبا، في العصور الوسطى، ويمنحون الحاكم الحق الإلهي، بتبرير طفولي، هو أن أي حاكم يأتي بإرادة الله، وعليه فإن أي اعتراض عليه هو اعتراض على سلطة الله.
يختلف العصيان المدني عن الثورة، فكما أوضحنا: هو فعل جماعي سلمي، بينما قد يتاح استخدام العنف في الثورات، وهو ما يؤكده التاريخ.
ليس هناك أي دين يدعو الناس إلى التخاذل أو قبول الظلم، بل تستهدف الأديان في الأساس جعل حياة البشر أفضل.
وخير رد على من يرون العصيان المدني خروجًا على الحاكم، حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، عن النبيِّ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، قَالَ: «أفضل الجهاد كلمة حَقٍ عند سُلْطَانٍ جَائِر».
العصيان المدني ينادي بدولة جديدة، قوامها العدل والمساواة، وتلجأ له الشعوب حينما تفشل كل المساعي للإصلاح بالطرق التقليدية.