أسطورة سيريتيسي خاما في بوتسوانا.. أمير أفريقي أحب إنجليزية وحرر بلاده
ريم البركي
اتقاءً لغارات القبائل المجاورة، أخطأ زعماء بوتسوانا وطلبوا المساعدة من بريطانيا، خلال القرن الـ19، ولم يتخيلوا آنذاك أن الاستعانة بالأجانب ستكلف الشعب احتلالًا سيدوم أكثر من 80 عامًا، إذ أعلنت المملكة المتحدة فرض الحماية على «بيتشوانا لاند» في نهاية مارس 1885، ولم يحصل الشعب البوتسواني على حريته قبل 30 سبتمبر 1966، بفضل سيريتيسي خاما، ابن الملوك الذي حارب الجميع -حتى أهله- لأنه أحب وطنه وزوجته الإنجليزية وحلم بالاستقلال ولم يمت قبل أن يرى الحرية تسكن بلاده.
لم تكن بوتسوانا دولة بشكلها الحالي، حتى عند تشكيل اتحاد جنوب قارة أفريقيا، وتوقع كثيرون أن يجري ضمها لجنوب أفريقيا، وكانت هناك محاولات عديدة لتحقيق ذلك، لكن بريطانيا كانت تعطل المساعي لسبب غير معلوم.
زادت سيطرة الاحتلال بمرور السنوات، حتى جرى تشكيل مجلسين استشاريين لتمثيل السكان الأصليين والمحتلين، عام 1920، وبعد عام واحد ولد طفل في عائلة «خاما» الملكية، استطاع تغيير التاريخ في بلاده للأبد.
تعلم الولد حتى المرحلة الجامعية في جنوب أفريقيا، ثم سافر إلى بريطانيا ليكمل تعليمه ويصبح محاميًا، وهناك التقى حبيبته للمرة الأولى، وهي كاتبة تدعى روث ويليامز، ولم يكن آنذاك أمرًا طبيعيًا أن يرتبط شاب أفريقي أسمر ببنت إنجليزية بيضاء، ورغم علم «خاما» بذلك، أصر على الزواج منها.
لم تكن بوتسوانا دولة بشكلها الحالي، حتى عند تشكيل اتحاد جنوب قارة أفريقيا، وتوقع كثيرون أن يجري ضمها لجنوب أفريقيا، وكانت هناك محاولات عديدة لتحقيق ذلك، لكن بريطانيا كانت تعطل المساعي لسبب غير معلوم.
بالتزامن مع ارتقاء «خاما» في سلم التعليم، كانت بوتسوانا تتحرك ببطء صوب الحكم الذاتي كباقي مستعمرات الإنجليز في أفريقيا، فجرى تشكيل المجلس الاستشاري الأوروبي الأفريقي في عام 1951 وشكل دستور عام 1961 المجلس الاستشاري التشريعي.
على الجانب الآخر، وبعد عام من الخطوبة، قرر «خاما» الزواج من فتاة أحلامه، لكن قراره هذا أغضب عائلته من ناحية، وأغضب جنوب أفريقيا من ناحية أخرى، إذ كان النظام الجنوب أفريقي آنذاك يؤسس لنظام الفصل العنصري، ووقفت بريطانيا في صف جنوب أفريقيا حفاظًا على ما تحصل عليه من يورانيوم رخيص ومهم بالنسبة لها لصناعة قنابل نووية تؤكد سيطرتها كقوة عظمى، ففوجئ الشاب أن القوى العظمى وأهله يحاربون حبه.
وبحلول عام 1956، استطاع «خاما» وحبيبته العودة لبوتسوانا كمواطنين عاديين، بعدما تخلى عن حقوقه القبلية بصفته ابن ملوك.. واتجه بعد العودة لتربية الأغنام، لكنه فشل، ولم يشعر بأنه حي إلا حينما قرر الانخراط في السياسة المحلية، وانتخب عضوًا للمجلس القبلي في عام 1957، وأصبح فيما بعد أمينًا له.
أسس «خاما» في عام 1961، حزب «بيتشوانالاند الديمقراطي»، الذي حقق شعبية كبيرة ونادى بالاستقلال، وفي يونيو 1964، وافقت بريطانيا على مقترحات للحكم الذاتي الديمقراطي في بوتسوانا، وأقيمت أول انتخابات عامة، واكتمل الاستقلال في 30 سبتمبر 1966، وقرر البوتسوانيون أن يكون «خاما المخلص» رئيسًا لهم، وأعيد انتخابه مرتين بسبب النجاحات الضخمة التي حققها، إذ وصل ببلاده لمرحلة أن تكون الاقتصاد الأسرع نموًا في العالم.