تحرير 400 نفس من قبضة تجار البشر.. تغطية حيّة تحت قصف المدفعية

منذ اللحظة الأولى، بدا الإصرار في أعين رجال قواتنا

ريم البركي


“والله لن أترك مكاني خوفًا من هؤلاء.. هم من سيهربون أمام قواتنا الباسلة كالفئران”.. كان هذا ردي على كل من نصحني بترك #طبرق، لحماية نفسي من رصاصة طائشة، رأونني فتاة يجدر بها أن تختبئ في ظل هذا الرعب، وأحمد الله أنني لم أترك مكاني، ووقفت لأؤدي واجبي الصحفي، لأكون عينًا تنقل الحقيقة بصدق لكل ليبي شريف.

منذ اللحظة الأولى، بدا الإصرار في أعين رجال قواتنا، مشّطوا كل مكان بحثًا عن تجار البشر المجرمين، لتطهير بلادنا من دنس أوكار الجريمة.. كنت مطمئنة وأن أرى ليبيا التي أحلم بها تنتفض طاردة الخبث من شوارعها.

واليوم، تشرفت بأن أدير بنفسي تغطية حصرية لعملية تحرير المهاجرين من قبضة تجار البشر، ستنشر على أخبار ليبيا 24-Akhbarlibya24 هناك، كان صوت القذائف المدفعية والطائرات والرصاص يحيط بنا من كل جانب، لكنني لم أشعر بأي خوف، لأنني وجدت في جنودنا البواسل نفس الإرادة التي حررت في الماضي #بنغازي من الإرهاب.

قبض عليهم والآن يطارد رجال الشرطة فلولهم في الصحراء، وبالتزامن فتحنا باب سجن، يضم بين حوائطه رائحة الموت و400 شخص، من بينهم أطفال، لم يروا الطعام أو الماء منذ 8 أيام.

كان الحذر هو سيد الموقف، فنحن لا نعلم ما سيصادفنا خلف هذه الأبواب، لكن بمجرد الدخول وجدنا المهاجرين يستنجدون بنا.. عيونهم تحكي ما رأوه من رعب وقسوة وفجور، ويقولون لنا إن التجار أمروهم بمهاجمة الشرطة بمجرد دخولها، لأن الشرطة آتية لقتلهم.. لكنهم لم يصدقوا التجار، وفرحوا بالحرية، بعد أن كانوا يائسين من نيلها يومًا ما.

“والله لن أترك مكاني خوفًا من هؤلاء.. هم من سيهربون أمام قواتنا الباسلة كالفئران”.. كان هذا ردي على كل من نصحني بترك #طبرق

في البدء، حرص رجال الشرطة على نجدة الأطفال، بقيادة الرجل الوطني فرج قعيم، وكيل وزارة الداخلية، الذي كان يحضن الأطفال ويطمئنهم ويجفف دموعهم ويعطيهم الشوكولاتة، ليستعيدوا بعضًا من طفولتهم المهدرة.

ورأيت العميد الباسل سامي إدريس المريمي، ينحني ويربت على كتف طفل مذعور، ويطمئنه بأنه في بلده الثاني، وأن الوقت العصيب قد مر بالفعل.

ومن جهتي، طمأنت غير المتحدثين بالعربية، وأوضحت لهم كلًا بلغته، أن رجال ليبيا قد حرروهم من السجون للأبد.

وهرعت عربات الإسعاف، لتقديم الدعم الطبي اللازم للحالات الحرجة، وتبارى الجنود في منح المحررين الطعام والماء، وجرى نقل الجميع لمركز إيواء طبرق.

أدعو أهالي طبرق الكرام، أهل الخير والجود، لتقديم كل الطعام والشراب الممكن لهؤلاء البائسين، هؤلاء لم يتذوقوا الطعام ولا الماء منذ أيام طويلة..

تاجروا مع الله يا أبناء جلدتي، علينا أن نتكاتف لإنقاذ هؤلاء، والله لو رأيتم الدموع في عيونهم وجلودهم التي التصقت بالعظام، لأصابكم ما أصابني من حزن..

ننتظر منكم الكرم الذي اشتهر به أهل طبرق منذ مئات السنين.. انقذوا هؤلاء، والله لا ينسى المحسنين.

وأقول لكل تاجر بشر، لقد جاء وقت الحساب، وسنقض مضاجعكم ليلًا ونهارًا، وسننتقم للإنسانية منكم أيها الشياطين.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.