إدواردو موندلين.. عالم الاجتماع الموزمبيقي الذي ضحى بحياته لتحرير بلاده
بعد معاناة دامت نحو 500 عام نجح شعب موزمبيق في نيل حريته
ريم البركي
بعد معاناة دامت نحو 500 عام بسبب الاحتلال البرتغالي، نجح شعب موزمبيق في نيل حريته المستحقة، وكانت التكلفة حربًا شريفة سجلها التاريخ، بقيادة عالم الاجتماع إدواردو موندلين، وراح ضحيتها ما يزيد عن 50 ألف شخص.
منذ أن عرفت البرتغال طريق أفريقيا، سمحت لنفسها باستهلاك الحرث والنسل، ووصل بطشها حتى ساحل جنوب شرق أفريقيا، حيث تعيش قبائل بدائية بسيطة، على أرض تسمى الآن “موزمبيق”.
اعتبر الاحتلال البرتغالي أهالي موزمبيق عبيدًا، وأجبرهم على العمل في المناجم، وفرض عليهم زراعة القطن والأرز للتصدير، وأثقل كواهلهم بالضرائب، ولم يقل الضغط على هؤلاء البؤساء إلا عام 1881، حينما أجبرت بريطانيا المحتلة نظيرتها البرتغال المحتلة أيضًا على تقديم بعض التنازلات في أماكن سيطرتها بالقارة السمراء، فجرى ترسيم حدود موزمبيق عام 1881.
كانت البرتغال لا تتوقع نشوء أي مقاومة في المستعمرة، بعدما كسرت زعماء جميع القبائل على مدار نحو 5 قرون من الاحتلال، ولأنها كانت تنفي أي معارض، أو تشتري صمته بمنحه مصدر دخل.
وبعد الحرب العالمية الثانية، ومع ظهور حركات الاستقلال في أفريقيا، اضطرت البرتغال لإطلاق اسم “ولاية” على موزمبيق، لإيهام العالم بأنها تمنح السكان الأصليين حكمًا ذاتيًا، واستمرت بالتزامن في ارتكاب جرائمها ضد الشعب الموزمبيقي، وكان من ضمنها استعباد ربع مليون مواطن للعمل بالمناجم عام 1960.
وكانت البرتغال لا تتوقع نشوء أي مقاومة في المستعمرة، بعدما كسرت زعماء جميع القبائل على مدار نحو 5 قرون من الاحتلال، ولأنها كانت تنفي أي معارض، أو تشتري صمته بمنحه مصدر دخل.
وفي عام 1962، ظهرت لأول مرة “جبهة تحرير موزمبيق”، بقيادة “موندلين”، عالم الاجتماع والمسئول الأممي الذي قرر توحيد جهود جميع السياسيين المنفيين للمطالبة باستقلال البلاد، ومع تزايد الضغط الاستعماري، قررت الجبهة التحول إلى النضال المسلح، واستطاعت جمع نحو 7 آلاف مقاتل، بأسلحة بدائية، وكانت هذه القوة لا تذكر مقارنة بجيش الاحتلال البرتغالي.
وفي عام 1964، بدأت حرب الاستقلال الموزمبيقية، والتي استمرت 10 سنوات، بدعم من قوى عالمية مثل الصين والاتحاد السوفييتي وكوبا ومصر والجزائر وأطراف أخرى، وكانت السيطرة في البداية للبرتغاليين، لكن بعد تمرس السكان الأصليين في الحروب وتلقيهم تدريبات وأسلحة واعتمادهم على حروب الشوارع، نجحوا في تكبيد المحتل خسائر كبيرة، ونجحوا فيما هو أكبر من ذلك، إذ أفقدوه احترامه على مستوى العالم، بل وتسبب نضال الموزمبيقيين وبقية الشعوب الأفريقية في حدوث انقلاب في قلب لشبونة، وهو ما عرف بـ”ثورة القرنفل”، ونجحت موزمبيق في النهاية في أن تحصل على الاستقلال في 25 يونيو 1975.
وللأسف لم ير “موندلين” استقلال بلاده، إذ نفذت الاستخبارات البرتغالية عملية اغتيال بحقه في 3 فبراير 1969، لكن شعب موزمبيق سيظل متذكرًا اسم بطله، كما يتذكر حتى الآن اسم أول عربي وصل إلى بلادهم “موسى بن بيك”، الذي سميت البلاد باسمه.
مهما زاد الظلم، فسيسقط في النهاية تحت أقدام أصحاب الحق.