الجزء الرابع : المطر البنفسجي.. كيف منح العصيان المدني الحرية للسود في جنوب أفريقيا؟
الأبارتيد.. نظام فصل عنصري استحدثته الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا
ريم البركي
نظام الأبارتيد.. هو نظام فصل عنصري استحدثته الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا بدءًا من عام 1948، ضد الأغلبية السوداء، للحفاظ على مصالحها، ومنذ ذلك الحين عانى السود من القمع وتردي الأوضاع المعيشية مقارنة بأصحاب البشرة البيضاء.
تفاقمت الأزمة بمرور الوقت، لأن الرجل الأبيض كان لا يتوقف أبدًا عن إذلال السود، فحرمهم من حقوقهم السياسية واعتبرهم عيبدًا، وجرى تهجيرهم بشكل حقير إلى مقاطعات فقيرة، وخصصت لهم وسائل نقل مهينة، ومنعوا من ركوب الحافلات المخصصة لأسياد البلاد، وحرموا من بقية الخدمات أيضًا.
وفي مطلع خمسينات القرن الماضي، بدأ نضال السياسي والحقوقي الشهير #نيلسون_مانديلا، وطالب بتغيير الدستور وتمثيل السود في البرلمان، ونادى بمواجهة الحزب الحاكم سلميًا، بآليات أبرزها #العصيان_المدني، فقبض عليه وسجن أكثر من مرة.
مع بداية فترة الستينات، بدأ “مانديلا” يتجه إلى العنف، وأسس جناحًا عسكريًا حمل اسم “رمح الأمة”، وألقي القبض عليه، واعترف بأنه حرض على عمليات تخريب ورفض في نفس الوقت إشعال حرب عصابات ضد الحكومة حفاظًا على بلده، فأدين بالتخريب والتآمر لقلب نظام الحكم، وعوقب بالسجن مدى الحياة، وقال آنذاك: “التاريخ سيغفر لي”.. وظل وراء القضبان 27 عامًا، لكن أفكاره الثورية والوطنية كانت حرة ومؤثرة.
مراحل كثيرة مرت بها المعارضة في جنوب أفريقيا، تخللها العنف، لا شك، لكن الضغط الشعبي السلمي كان هو الحل.
واستمرت دعوات العصيان المدني والتظاهرات وواجهتها السلطات بعنف، ووصل الأمر إلى ذروته في مطلع سبتمبر 1989، قبل أيام من عقد الانتخابات النيابية هناك، إذ انطلقت مظاهرة ضخمة صوب البرلمان، فواجهتها الشرطة بقسوة، ولم تكتف بذلك، إذ استخدمت رشاشات تطلق صبغة بنفسجية اللون على المتظاهرين، لكي يسهل القبض عليهم عقب تفريق التظاهرة، لكن فارسًا نبيلًا يدعى #فيليب_أيفي، استطاع الوصول للرشاش، وصوبه نحو الجنود فلطخ ثيابهم، قبل أن يتجه لمقر الحزب الحاكم ويصبغه كاملًا باللون البنفسجي.. وأطلق على هذه التظاهرة اسم “المطر البنفسجي”.
انضم للحراك بعد ذلك الأسقف الشهير ديزموند توتو، وارتدى زيًا بنفسجيًا، وقاد المعارضين في الشوارع، ولم تجرؤ الحكومة على الوقوف في وجههم.
مع الضغوط الدولية، أجبرت السلطات على تحرير “مانديلا” وإجراء إصلاحات سياسية على رأسها إلغاء نظام الفصل العنصري، وأصبح “نيلسون” فيما بعد رئيسًا للدولة، بعد انتخابات حرة ونزيهة، وحصل على جائزة نوبل في السلام.
مراحل كثيرة مرت بها المعارضة في جنوب أفريقيا، تخللها العنف، لا شك، لكن الضغط الشعبي السلمي كان هو الحل.