الجزء الأول: العصيان المدني كفكرة.. متى تصبح مخالفة القانون ضرورة؟

ظهور أي سلطة منذ فجر التاريخ ارتبط شرطيًا بظهور معارضين لسياساتها

ريم البركي


العصيان المدني فعل سلمي يستهدف مواجهة السلطة الظالمة، عبر الامتناع الجماعي عن الذهاب للعمل أو رفض الامتثال لقرارات هذه السلطة، لتأكيد رفض الشعب لها.

ورغم أن بعض الآراء تشير إلى مسرحية “أنتيجون” Antigone للكاتب الإغريقي الشهير سوفوكليس Sophocles، كأول عمل فني يتناول فعل ثوري يشبه العصيان المدني، لكن الحقيقة أن ظهور أي سلطة منذ فجر التاريخ ارتبط شرطيًا بظهور معارضين لسياساتها.

أما عن المصطلح نفسه، فهو منسوب إلى الشاعر والفيلسوف الأمريكي الشهير هنري ديفد ثورو Henry David Thoreau ، وذكره لأول مرة في مقالة عام 1849.

وقد تبدو الفكرة خيالية لبعض الناس، لكن الحقيقة أن شعوبًا كثيرة استخدمت هذه الآلية الديمقراطية لتحرير أراضيها من الاحتلال ولمواجهة العنصرية ولتغيير القوانين الظالمة، وسجل التاريخ حالات عديدة كان العصيان المدني قادرًا خلالها على تغيير الأحداث وتحقيق آمال المظلومين.

العصيان المدني فعل سلمي يستهدف مواجهة السلطة الظالمة، عبر الامتناع الجماعي عن الذهاب للعمل أو رفض الامتثال لقرارات هذه السلطة، لتأكيد رفض الشعب لها.

وهناك 6 معايير تميّز العصيان المدني عن أي شكل آخر من أشكال مواجهة الظلم:


الأول: أنه فعل شخصي ومسئول، والمقصود هنا أن هذا الفعل دائمًا ما يكون مخالفًا للقانون، لذا لا بد أن يكون المشارك فيه مدركًا لأبعاد الأمر ومستعدًا له.

الثاني: أن يتجرد العصيان المدني من المصالح الشخصية، فلا يجوز أن ينادي أي مشارك في العصيان بمطالب شخصية، بل عليه أن يلتزم بمطلب جماعي.

الثالث: أنه فعل جماعي، لا ينسب لفئة بعينها.

الرابع: أنه عمل سلمي.. يهدف إلى إحداث تغيير بالكلمة، لا بالعنف، بل وعلى المشارك ألا يرد على عنف السلطة بعنف مضاد، حتى إن تعرض للضرب أو الاعتقال، وعليه أن يحافظ على الممتلكات العامة والخاصة.

الخامس: أنه عمل معلن، فلا يبدأ في الغرف المغلقة، بل بإعلان شفاف ومطلب واضح.

السادس: أنه عمل شريف، تلجأ إليه الشعوب بعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى، مثل التحاور والتقاضي.

وسنتحدث باستفاضة عن نماذج تاريخية نجح خلالها العصيان المدني في تحقيق مطالب الداعين له، في مختلف دول العالم.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.